التكنولوجيا بما يضاهيها من الألعاب والكمبيوتر
* ما نحياه اليوم من تطور تكنولوجي كبير، وثورة معلوماتية خارقة، اجتازت الحدود والأماكن، جعلت من كوكبنا عالم صغير، يستطيع المرء عبره الوصول إلى أي مكان بمجرد ضغطة زر، ومما لاشك فيه أن تأثير الثورة الاتصالية على الأسرة ـ التي تمثل نواة المجتمع ـ كبير وله جوانبه الايجابية والسلبية، فقدت كان لها الأثر الأعظم على ركائز ودعائم المجتمع وبنية الأسرة وقيمها الحياتية، كما ظهرت لهذه الثورة نقطة شديدة السلبية، وهي ما يمكن تسميته " تِقنية الجِنس"، فهناك الآلاف من المواقع الإباحية على الانترنت، كما أن هناك العشرات من المحطات الفضائية المتخصصة في بث الأفلام الجنسية والماجنة، فيما ضَعُفت الروابط الأسرية والأواصر المجتمعية بين الناس.
إن ثورة الاتصالات وتقنياتها الجبارة، فتحت أبواب الحياة المؤصدة، وجعلت من العالم وطن إلكتروني صغير مفتوح أمام الجَميع، مهما تباينت الأعمار بين الأجيال أو الأجناس، فقد اختلط الحابل بالنابل، وتداخلت الثقافات والأمزجة، وضاعت المبادئ الحسنة، وظهرت الآفات والمساوئ بهذا العالم، كما تَوغّلت التكنولوجيا بقوة داخل البيوت والغُرف الخَاصة، حتى اشتعلت نار الثورة التكنولوجية في الأسرة اشتعال النار في الهشيم؛ و خرجت هذه الثورة عن حدودها في غرف الحوار عبر الإنترنت والاتصال المباشر بين الأفراد والجماعات، الأمر الذي أدى إلى انتشار الفاحشة والزنا والفجور والسفور بين أبناء المجتمع، كما ساهمت التكنولوجيا الحديثة في تدهور القيم، وانفلات الأخلاق المجتمعية، وعملت على انهدام الأسر وانهيار قوامها وتفكّك بيوت الناس، وهناك آلاف القصص التي دمرت الأسر نتيجة الاستغلال السيئ للتكنولوجيا الحديثة وتقنياتها .
و لعبت التكنولوجيا دوراً كبيراً، في نشر السلوكيات والعادات والتقاليد الاجتماعية الهابطة بين الأجيال في المجتمع العربي، فقد أثبتت الدراسات الحديثة، الدور الخطير والسلبي الذي يلعبه الكمبيوتر في عزل الأفراد اجتماعياً وتفكيك العلاقات بين أفراد المجتمع، فالأفراد يقضون وقتاً طويلاً في التعامل مع الكمبيوتر والإنترنت ما يؤدي إلى العزلة عن الآخرين خلال فترة الاستخدام، ما سيؤدي بدوره إلى نشر نوع من العزلة الاجتماعية وبالتالي إيجاد نوع من التفكك المجتمعي .
وأشارت دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر إلى أن(37,5%)، من الأسر تعاني من مشكلات أسرية عدة، أهمها انحراف الأبناء، والعُنف الأسري بجميع أشكاله، وغياب القدوة، والخلافات الزوجية التي تنتهي في كثير من الأحيان إلى الانفصال وغيرها من المشكلات المجتمعية، فيما يُشير الأخصائيون إلى الانعكاسات السلبية للثورة الاتصالية، على أفراد الأسرة حيث عملت على زيادة التفكك الأسري، وضعف الروابط المجتمعية وتراجع العادات والتقاليد الأصيلة، وانتشار ثقافة المُجون والعُري الفاضح بين الفتيات داخل مجتمعاتنا العربية، وهذا ما يعكس في حقيقة الواقع الاجتماعي المتدهور في عالمنا العربي، والذي ازداد مع الانفتاح الجديد على العالم عبر الفضائيات والإنترنت ووسائل الإعلام .
وأظهرت الدراسات والأبحاث العلمية التأثير السلبي الكبير الذي أحدثته وسائل الاتصال على السلوك العام ولاسيما العلاقات الحميمة بين أفراد المجتمع، وحدوث نوع من الجفاف وتبلد المشاعر وزيادة المشكلات وتفكك العلاقة الزوجية، نتيجة للثقافات والأفكار التي نقلتها لنا الفضائيات والتكنولوجيا المعاصرة..
* علينا العمل الجاد والدءوب من اجل إنقاذ أجيالنا من الضياع والتيه في صحراء التكنولوجيا المدمرة للأخلاق والعادات والتقاليد، والوقوف في وجه التحديات والمخاطر الداهمة، وتشكيل درع واقي لحماية الشباب وتوعيتهم والعمل على نشر الثقافة السليمة بينهم ..
* ما تواجهه الأسرة العربية اليوم، من مخاطر يستدعي بنا العمل على التصدي لهذه المشاريع التدميرية ومقاومتها بشتى الطرق والوسائل، وحفظ الأسرة العربية من الضياع في الرذائل والمفاسد، وحماية البنى والروابط الأسرية من الانهيار والسقوط في الهاوية، وسط ما نحيياه من تطورات تكنولوجية متسارعة؛ كما أننا بحاجة ماسة إلى ترشيد استخدام التكنولوجيا الحديثة من اجل بناء أجيال قادرة على مواجهة التحديات والخطوب، وحمل راية الإصلاح والتغيير في مجتمعاتنا؟